[color:612a=#0000ff][b]ص9
[/b][/color][b][color:612a=green]تنتهي إلى لا شيء .. وعالم الغيب وحده هو الذي يعلم قيمة كل شيء.
وهل تصور السائل نفسه وصيآ على الله يحدد له اختصاصاته .. تقدس وتنزه ربنا
عن هذا التصور الساذج.
إنما الإله الجدير بالألوهية هنا هو الإله الذي أحاط بكل شيء علمآ .. لا يعزب
عنه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء.
الإله السميع المجيب ٬ المعتني بمخلوقاته.[/b][/color]
[b][color:612a=red]-إذا كان الله قدر علي أفعالي فلماذا يحاسبني؟-[/color][/b]
[color:612a=blue][b]ص10[/b][/color]
[center][font:612a=palatino linotype][size=12][b][color:612a=green]قال صديقي في شماتة وقد تصور أنه أمسكني من عنقي وأنه لا مهرب لي
هذه المرة:
أنتم تقولون إن الله يجري كل شيء في مملكته بقضاء وقدر ٬ وإن الله قدر علينا
أفعالنا ٬ فإذا كان هذا هو حالي ٬ وأن أفعالي كلها مقدرة عنده فلماذا يحاسبني
عليها ؟
لا تقل لي كعادتك .. أنا مخير .. فليس هناك فرية أكبر من هذه الفرية ودعني
أسألك:
هل خيرت في ميلادي وجنسي وطولي وعرضي ولوني ووطني ؟
هل باختياري تشرق الشمس ويغرب القمر ؟
هل باختياري ينزل علي القضاء ويفاجئني الموت وأقع في المأساة فلا أجد
مخرجآ إلا الجريمة..
لماذا يكرهني الله على فعل ثم يؤاخذني عليه ؟
وإذا قلت إنك حر ٬ وإن لك مشيئة إلى جوار مشيئة الله ألا تشرك بهذا الكلام
وتقع في القول بتعدد المشيئات ؟
ثم ما قولك في حكم البيئة والظروف ٬ وفي الحتميات التي يقول بها الماديون
التاريخيون ؟
أطلق صاحبي هذه الرصاصات ثم راح يتنفس الصعداء في راحة وقد تصور أني
توفيت وانتهيت ٬ ولم يبق أمامه إلا استحضار الكفن..
قلت له في هدوء:[/color][/b][/size][/font]
[b][color:612a=blue]ص11[/color][/b]
[font:612a=palatino linotype][size=12][color:612a=darkred][b]أنت واقع في عدة مغالطات .. فأفعالك معلومة عند الله في كتابه ٬ ولكنها ليست
مقدورة عليك بالإكراه .. إنها مقدرة في علمه فقط .. كما تقدر أنت بعلمك أن
ابنك سوف يزني .. ثم يحدث أن يزني بالفعل .. فهل أكرهته .. أو كان هذا تقديرآ
في العلم وقد أصاب علمك..
أما كلامك عن الحرية بأنها فرية ٬ وتدليلك على ذلك بأنك لم تخير في ميلادك ولا
في جنسك ولا في طولك ولا في لونك ولا في موطنك ٬ وأنك لا تملك نقل
الشمس من مكانها .. هو تخليط آخر..
وسبب التخليط هذه المرة أنك تتصور الحرية بالطريقة غير تلك التي نتصورها
نحن المؤمنين..
أنت تتكلم عن حرية مطلقة .. فتقول .. أكنت أستطيع أن أخلق نفسي أبيض أو
أسود أو طويلا أو قصيرآ .. هل بإمكاني أن أنقل الشمس من مكانها أو أوقفها
في مدارها .. أين حريتي ؟
ونحن نقول له : أنت تسأل عن حرية مطلقة .. حرية التصرف في الكون وهذه
ملك لله وحده .. نحن أيض الا نقول بهذه الحرية { وربك يخلق ما يشاء و يختار ما
كان لهم الخيرة } 68 سورة القصص
ليس لأحد الخيرة في مسألة الخلق ٬ لأن الله هو الذي يخلق ما يشاء ويختار..
ولن يحاسبك الله على قصرك ولن يعاتبك على طولك ولن يعاقبك لأنك لم توقف
الشمس في مدارها ٬
ولكن مجال المساءلة هو مجال التكليف .. وأنت في هذا المجال حر .. وهذه
هي الحدود التي نتكلم فيها..
أنت حر في أن تقمع شهوتك وتلجم غضبك وتقاوم نفسك وتزجر نياتك الشريرة[/b][/color][/size][/font]
[b][color:612a=blue]ص12[/color][/b]
[font:612a=palatino linotype][size=12][color:612a=indigo][b]وتشجع ميولك الخيرة..
أنت تستطيع أن تجود بمالك ونفسك..
أنت تستطيع أن تصدق وأن تكذب..
وتستطيع أن تكف يدك عن المال الحرام ..
وتستطيع أن تكف بصرك عن عورات الآخرين..
وتستطيع أن تمسك لسانك عن السباب والغيبة والنميمة..
في هذا المجال نحن أحرار..
وفي هذا المجال نحاسب و نسأل..
الحرية التي يدور حولها البحث هي الحرية النسبية وليست الحرية المطلقة
حرية الإنسان في مجال التكليف..
وهذه الحرية حقيقة ودليلنا عليها هو شعورنا الفطري بها في داخلنا فنحن نشعر
بالمسئولية وبالندم على الخطأ ٬ وبالراحة للعمل الطيب .. ونحن نشعر في كل
لحظة أننا نختار ونوازن بين احتمالات متعددة ٬ بل إن وظيفة عقلنا الأولى هي
الترجيح والاختيار بين البديلات..
ونحن نفرق بشكل واضح وحاسم بين يدنا وهي ترتعش بالحمى ٬ ويدنا وهي
تكتب خطاب ا .. فنقول إن حركة الأولى جبرية قهرية ٬ والحركة الثانية حرة اختيارية
.. ولو كنا مسيرين في الحالتين لما استطعنا التفرقة..
ويؤكد هذه الحرية ما نشعر به من استحالة إكراه القلب على شيء لا يرضاه
تحت أي ضغط .. فيمكنك أن تكره امرأة بالتهديد والضرب على أن تخلع ثيابها ..
ولكنك لا تستطيع بأي ضغط أو تهديد أن تجعلها تحبك من قلبها ومعنى هذا أن
الله أعتق قلوبنا من كل صنوف الإكراه والإجبار ٬ وأنه فطرها حرة..
ولهذا جعل الله القلب والنية عمدة الأحكام ٬ فالمؤمن الذي ينطق بعبارة الشرك
والكفر تحت التهديد والتعذيب لا يحاسب على ذلك طالما أن قلبه من الداخل[/b][/color][/size][/font]
[/center]